السعودية

توسعة الحرم قبل بدء الحج

يكتسب الحرم المكي أهمية كبيرة بالنسبة لملايين المسلمين، ويحتضن أكبر تجمع على مستوى العالم بشكل سنوي في موسم الحج الذي قارب على البدء بعد أيام قليلة، ويستقبل ملايين المعتمرين على مدار العام، ما يترتب على ذلك من ضرورة توفر قدرة استيعابية ضخمة لخدمة هؤلاء الملايين الذين تستقبلهم مدينة مكة في آن واحد.

Advertisement

– مراحل تاريخية

كان ربط الحرم المكي بالكهرباء عام 1954 نقلة نوعية في تاريخ تنظيم وإدارة بيت الله الحرام، إذ تم إضاءة المسجد بالكامل، ووُضعت فيه المراوح الكهربائية، وفي عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد استمرت عملية توسعة وتطوير المسجد الحرام، لتصبح مساحة الحرم 193 ألف متر مربع، وبلغت طاقته الاستيعابية نحو 400 ألف مصلٍّ.

Advertisement

واستمرت عمليات التوسعة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز الذي وضع في 1988 حجر الأساس لأكبر توسعة للحرم المكي في حينها، وشملت إضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية، والاستفادة من السطح العلوي للمسجد، والذي وصلت مساحته إلى 61 ألف متر مربع.

25

ووصل استيعاب الحرم لأكبر عدد من المصلين آنذاك، ليصل إجمالي القدرة الاستيعابية للحرم إلى 1.5 مليون مصلٍّ، كذلك تم بناء مئذنتين جديدتين، ليصبح إجمالي عدد المآذن وقتها 9 مآذن بارتفاع 89 متراً للمئذنة.

مع تزايد أعداد زوار بيت الله الحرام، أمر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بالبدء بمشروع توسعة جديدة تهدف إلى إحداث أكبر توسعة للحرم المكي الشريف، تتناول تطوير الحرم في مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية.

ولضخامة المشروع وتنوع أبعاده كان من الضروري تقسيمه إلى ثلاث مراحل، وهدفت المرحلة الأولى إلى توسعة مبنى الحرم المكي ليستوعب أكبر عدد ممكن من المصلين، تصل إلى مليوني مصلٍّ في وقت واحد.

وأما المرحلة الثانية فهدفت إلى توسعة الساحات الخارجية للحرم التي تضم دورات مياه وممرات وأنفاقاً، إضافة إلى مرافق أخرى، بهدف تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام.

فيما هدفت المرحلة الثالثة إلى تطوير منطقة الخدمات التي تُعد أحد أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف ومحطات الكهرباء، إلى جانب محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم اللازم لمنطقة الحرم.

ورافق التوسع وتطوير الحرم المكي جهود كبيرة في تطوير باقي المشاعر الدينية لتسهيل حركة الحجاج والمعتمرين، شملت طريق الملك عبد العزيز، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، وقطار الحرمين، وتطوير المنطقة المركزية، وتصريف السيول بالمشاعر المقدسة، ومنشأة الجمرات الحديثة، والطرق الدائرية.

كما أن هناك مشاريع لتوسعة المسجد النبوي، حيث تمت إضافة مساحات من الأراضي المحيطة بالحرم النبوي إلى ساحات المسجد بلغت أكثر من 180 ألف متر مربع لتستوعب أكثر من 350 ألف مصلٍّ لمواجهة الزيادة المطردة في أعداد المصلين سنة بعد أخرى.

وتم تطوير منطقة وجسر الجمرات بمشعر منى الذي يهدف إلى تطوير الجسر ليوفر طاقة استيعابية لنحو خمسة ملايين حاج ليقوموا برمي الجمرات بشكل آمن ومريح.

وفي منى، مدينة الأيام الأربعة، والتي تقدر مساحتها الشرعية بنحو 650 هكتاراً (1 هكتار =0.01 كيلومتر مربع)، منها 380 هكتاراً أراض منبسطة في الوادي، ومن 200 إلى 300 هكتار من سفوح الجبال، بدأ العمل يتسلل داخل شوارعها والمرافق الخدمية الصحية والأمنية والبلدية، لكن حركة العمل ظهرت بوضوح في المناطق القريبة من مسجد الخيف ومنشأة الجمرات العملاقة، حيث باشرت الشركة المتخصصة في أعمال الصيانة والتشغيل وتهيئة الممرات والجسور.

وشملت المشاريع قطار المشاعر المقدسة، الذي يربط بين مشاعر منى ومزدلفة، وتبلغ تكلفة المشروع 6.7 مليارات ريال، وسيعمل القطار بكامل طاقته خلال موسم حج هذا العام، حيث يبلغ عدد القطارات التي ستنقل الحجاج 17 قطاراً، في كل قطار 12 عربة وكل قطار طاقته ثلاثة آلاف حاج.

– مشروع قطار الحرمين

مشروع قطار الحرمين السريع هو مشروع خط سكة حديدية كهربائي يربط بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بمدينة جدة بطول 480 كم، وسيتم في المرحلة الأولى من المشروع بناء أربع محطات ركاب، منها محطة في مكة المكرمة، ومحطتان في مدينة جدة في كل من مطار الملك عبد العزيز الدولي ووسط المدينة، والمحطة الرابعة ستكون في المدينة المنورة.

التوسعة

وقالت إدارة المشروع: إن 35 قطاراً كهربائياً ستكون في خدمة الحجاج والمعتمرين عام 2016 لتربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بمدينة جدة، في أضخم خطوة على مستوى البنى التحتية في شبكة المواصلات في المملكة، ستخدم في غالبيتها الحجاج والمعتمرين الذين يتنقلون بين مكة والمدينة أثناء شعائرهم الدينية.

وأنهت السعودية أعمال تركيب قطار الحرمين السريع مطلع العام الجاري، وبدأت المرحلة التجريبية التي ستمتد حتى العام المقبل ليكون جاهزاً لاستقبال 12 ألف راكب في الساعة الواحدة على مدار اليوم.

– قلق على تاريخ المدينة

وعلى الرغم من أن هذه المشاريع هدفها التوسعة على حجاج بيت الله الحرام، وتهيئة المشاعر لذلك، فإن هناك بعض الأصوات التي تقول بأن هذه التوسعات جاءت على حساب التاريخ والجغرافيا في مكة، بسبب إزالة بعض الجبال المحيطة بالحرم من أجل التوسعة.

وبالتزامن مع انطلاق المشاريع العمرانية في مكة، خرجت مبادرة “معاد” لتعزيز الهوية المكية والعناية بالآثار والمعالم التاريخية، بالتعاون مع جهات حكومية وأهلية لتقديم مقترحات عملية تحافظ على التاريخ والجغرافيا دون التأثير على وظائف مشاريع التوسعة والمرافق.

Advertisement